22 نوفمبر، 2024

نصيحة إلى “الثنائي”؟

28 حزيران 2023

https://www.nidaalwatan.com/article/184788

لا يخفى على أحد اعتراضي على مشروع الشيعية السياسية، الثاني بعد المارونية السياسية، ولا ثالث لهما، باعتبارهما مشروعين فئويين طائفيين لا يمكن أن يتحققا لكنهما، في سعيهما إلى التحقق، يدمّران أسس الوطن والدولة.

كتابي الذي يحمل عنوان «الشيعية السياسية» هو تتويج لانحيازي إلى مشروع الدولة في مواجهة الدويلات، بما فيها الجانب الميليشيوي من مشروع الحركة الوطنية اللبنانية التي ناضلت ردحاً من الوقت في صفوفها. اخترت أن أهديه إلى «فؤاد شهاب، راعي بناء دولة المؤسسات، وإلى بناة المؤسسات، حسن عواضة، فريد الدحداح، عبد الرحمن طيارة، وإلى شهداء المؤسسات، فرنسوا الحاج، وسام عيد، سامر حنا، وإلى كل المناضلين في مؤسسات المجتمع المدني من أجل إعادة بناء الوطن والدولة».

مع أنني أتمنى الهزيمة للمشروع فلا أتمناها لأصحابه، خشية توظيف الانتصار في تسوية جديدة بين المتحاصصين كالتي حصلت في الاتفاق الرباعي غداة خروج الجيش السوري من لبنان. فالتسويات تهزم مشروع الدولة وينتهي صراع المتحاصصين بالتعادل السلبي. ما أتمناه إذن أن يعود الثنائي من أوهامه المذهبية إلى رشده الوطني ويذهب إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

لا حاجة لتحليل مضمون المشروع المذهبي الطائفي. أصحابه يخجلون بحمله. المارونية السياسية أخفته خلف شعار حماية المسيحيين درءاً لمخاوف موهومة. الشيعية السياسية تنكره ثم تلوح به من خلال مناورات مكشوفة، منها إعلان التمسك باتفاق الطائف والدولة ورفع شعارات ملغومة من بينها الحوار حتى رمق الخصوم الأخير.

لا حاجة لتحليل الخطاب المذهبي. يستوقفنا الأسلوب المعتمد لدى الثنائي. هو نادى بالحوار لا ليتبادل مع الخصوم الرأي بل لإقناعهم. هو رفع الشعار وأسقطه بضربة واحدة. في المرة السابقة أقنعهم بالقمصان السود وإقفال البرلمان وتعطيل البلد. هذه المرة حاول بفقء عيون الثوار ثم بالإطباق على التمثيل الشيعي في البرلمان. وحين فشل لجأ من جديد إلى التعطيل.

«القمصان السود» حوار واستعداء الثورة حوار ومخيم رياض الصلح بعد اغتيال الحريري حوار وطاولة الحوار في القصر الجمهوري حوار. النتائج كانت صفراً على اختلاف اللغات والأساليب. ألم يسأل الثنائي نفسه عن التوقيت؟ لماذا الحوار بعد أول جلسة انتخابات رئاسية؟ لماذا لم يطرح قبل ذلك بشهر أو بعام؟ ولماذا لم يسأل عن طريقة الترشيح. خلافاً للأصل، الثنائي هو من يعلن إسم مرشحه، ما أغرب هذه الحرية! أوراق قوة مرشحه تكمن في علاقاته بآل الأسد. ألا يعرف المرشح أن العلاقة بآل الأسد هي المشكلة؟ كأن التفاوض لإعادة النازحين لا تعني الدولة السورية، أو كأن على رئيس الجمهورية اللبنانية أن يكون من خريجي الممانعة ليحصل على موافقة النظام السوري على إعادة الهاربين من براميله.

في الأسلوب أيضاً، مناورة أخرى مكشوفة بل مفضوحة تتمثل في حرص الثنائي على تأمين النصاب في الجلسة الأولى وحرصه الموازي على تعطيله في الثانية. ما أن يباشر أمين السر بعد الأصوات حتى يبدأ تنفيذ الانصراف المنظم كما لو أنهم تلامذة صفوف ابتدائية على فرصة الظهيرة.

ظل الثنائي يكرر نصيحته ذاتها للخصوم بعدم المراهنة لا على تدخل الخارج. لكن الوقائع أثبتت أنه الأكثر رهاناً عليه. فما أن أعلن اتفاق في الصين حتى صارت المملكة من أعز الأصدقاء، ودبت الحياة في شعار سين سين. في لعبة عض الأصابع راهن على من يصرخ أولاً ، ثم على ضغط فرنسي سعودي، ودائماً على تمويل إيراني.

أساليب متنوعة تعني المراهنة على انهيار الوطن ليقوم مشروع الشيعية السياسية على أنقاضه. الرهان الوحيد الرابح أن الوطن باق والمشاريع الطائفية إلى زوال.