22 نوفمبر، 2024

في نقد ١٣ نيسان (23)الممانعة ونقد الحرب الأهلية

9 آب 2023

https://www.nidaalwatan.com/article/195317

الحرب الأهلية جريمة بحق الوطن. لا رابح فيها إلا التدخل الخارجي. كل مشارك في الحرب الأهلية شريك في الجريمة. حتى الذين وقفوا متفرجين ليسوا بريئين من الدم. كلن يعني كلن ونحن منهم.

الاستقواء بالخارج واستدراجه ضد خصوم الداخل جريمة. سيان إن كان المستدرج صديقاً أو رفيقاً أو أخاً في الدين أو في العروبة أو إن كان عدواً. نحن اللبنانيين مسؤولون عن دخول الدب إلى زرعنا. استقوينا بالسلاح الفلسطيني ضد أبناء وطننا واستقوى سوانا بمختلف أنواع الأسلحة الإسرائيلية والسورية والإيرانية.

من لم يتعلموا من دروس الحرب يصرّون على النفخ في نارها وعلى استخدام السلاح للحصول على مكاسب سياسية، مثلما استخدموه ضد المحتشدين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، ففقؤوا به عيون الثوار واعتدوا به على أهم وأصفى وأشرف ثورة عرفتها أمة العرب من محيطها إلى خليجها، ثورة من غير عنف ولا دماء، من أروع ابتكاراتها تنوعها الذي تجلى في العرض المدني والحبل البشري على طول الشاطئ من الناقورة حتى النهر الكبير، ثورة أهم ما فيها أنها تحت سقف الدستور. عنيت في من عنيت المصرين على إدخال البغلة في إبريق الرئاسة.

الوطن هو الأهم، ولا وطن من غير دولة. الوطن والدولة في فقه القانون وكتب القضاة والمحامين لا يقومان إلا على ثلاثية واحدة وحيدة، ثلاثية لا فضية ولا ذهبية ولا برونزية، ثلاثية الشعب والأرض والسيادة. شعب واحد لا شعوب. أرض واحدة لا كانتونات ولا فدراليات. سيادة واحدة هي سيادة الدولة على حدودها وداخل حدودها بقوة دستورها وقوانينها وأجهزتها الأمنية والعسكرية.

المسؤول عن إفقارنا وتجويعنا وتدمير دولتنا وتوزيع شعبنا على زعماء الطوائف وتشتيته في أربع أرجاء الأرض ليس جهة خارجية ولا جهات. إنهم لبنانيون سطوا على السلطة بالتزوير واستدراج الخارج وأحلوا بدل النظام البرلماني الديمقراطي نظام محاصصة ميليشيوي شرع لإهدار مال الدولة ونهبه ونهب الودائع من المصارف.

لا حل خارج الدولة. لا حل إلا بالدولة. الدولة الديمقراطية التي تتسع للتنوع، لكل أنواع التنوع. فليفكر كل منا كما يشاء، وليؤمن كل منا بما يشاء. لكن فلنلتزم، نحن المواطنين جميعاً بأحكام القانون، وليلتزم أهل السلطة جميعاً بأحكام الدستور والقوانين ويذهبوا إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

ألا كل سلطة ما خلا سلطة الدولة باطلة. كل جهاز ما خلا أجهزة الدولة باطل. كل مال يدخل أو يخرج بغير علم الدولة باطل. كل زراعة أو صناعة أو تجارة بغير علم الدولة باطلة. كل دخول إلى أرض الوطن أو خروج منها غير ممهور بخاتم الأمن عام ومن معبر غير المعابر الشرعية باطل. ولاء أي موظف حكومي أو ضابط أو جندي في الجيش والقوى الأمنية لزعيم الطائفة بدل الدولة باطل.

قلت هذا الكلام في تكريم الأسرى المحررين في إحدى قرى العرقوب. كثيرون رأوا فيه ما يجول في خاطرهم، إلا الممانعين من صغار الرتب، خلافاً لكبارهم المحترمين ممن كان حاضراً، استنفروا لأنني أدنت الاستقواء بالخارج «سواء كان المستقوى به صديقاً أو رفيقاً أو أخاً في الدين أو في العروبة أو إن كان عدواً». استنفروا مدفوعين بالحنين إلى الحرب الأهلية.

ذات مرة اعترض استاذ جامعي ممانع على وضع المستقوين بالخارج في سلة واحدة، ما يعني أن تفسير التشبيه بكلمة «سواء» لا يتعلق بمستوى العلم والثقافة ولا بمعرفة قوانين البلاغة وأنواع التشبيه، بل بمستوى الجرأة على نقد الحرب الأهلية.