20 أبريل، 2024

المحاصصون والنسبية

29-4-2012

حبيبتي الدولة

جنبلاط ، كعادته ، هو الوحيد بين السياسيين المعروف بجرأته وصراحته ، ولو ضد نفسه ، فهو الذي اعترف ذات مرة بأنه ” انزنق ” …في قصة المسبح الشهيرة، بينما الفاجرون من سياسيي لبنان يقيمون الدنيا ويقعدونها إن كشفت فضيحة لهم . جنبلاط صرح بما لا يقبل التأويل بأنه ضد النسبية لأن الذين يطرحونها يستهدفونه ويعملون على محاصرته وعلى تقليص حجم تمثيله للطائفة الدرزية.

الذي لا يليق بجنبلاط في هذا المجال هو اعترافه الصريح بأنه لا يريد أن يكون سرأبيه . أي لا يرغب في أن يكون زعيما وطنيا بحجم كمال جنبلاط . بالصراحة ذاته والجرأة نفسها ، كان ينبغي عليه أن يستقيل من تركة والده الوطنية ومن قيادة الحزب الاشتراكي ، لأن كمال جنبلاط هو الذي اقترح النسبية وهو الذي أسس حزبا أكبر من الطائفة ، أكبر من كل الطوائف، وهو الذي أوصلته مواقفه فوق الطائفية إلى موقع الأمين العام للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية ، وإلى وسام لينين ، وإلى زعامة وطنية وعربية لا لبس فيها،  وهو الذي استشهد دفاعا عن وحدة لبنان وعروبته وتطوره الديمقراطي ، وهو الذي رفض النظام الأكثري لأنه يمثل الاستبداد بعينه.

تيارالمستقبل نأى بنفسه عن الصراحة حين قال إنه يرفض النسبية في ظل السلاح . غياب الصراحة يفضح ركاكة الحجة التي اختارها لرفض النسبية. هل  يريد القول إن وجود السلاح مفيد في النظام الأكثري ؟! وهل السلاح لوثة على  النسبية ووشاح على جبين الأكثري ؟! وهل يعني أن ارتفاع منسوب التسليح في الأكثري يجعل الانتخابات أكثر نزاهة ؟!

الذي لا يليق بالمستقبل هو أنه يجسد ، على ما يزعم ، مشروع الشهيد رفيق الحريري لبناء الوطن، ومن أركان هذا المشروع تعديل قانون الانتخاب وتفضيله النسبية على الأكثرية. وما لم يقله المستقبل هو أنه لا يخاف على نزاهة الانتخابات بل على خسارته بعض المقاعد . كأنه في ذلك لا يبحث كيف يربح وطنا ، بل كيف يربح نائبا في مجلس نيابي لا يمكن أن يكون سيد نفسه لأن الفائزين في الانتخابات ، على الأكثري ، ليسوا أسيادا على أنفسهم ، بل أتباع لأولياء النعمة.

الآخرون ، الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر، والملحقون بهما، يمارسون المكر. كأنهم لم يقرأوا من القرآن غير قوله تعالى : مكروا ومكر الله والله خير الماكرين(54 من سورة آل عمران). مكر الله في الآية هو رد على الماكرين من الكفار ليذكرهم بأنه قادر على فضح ريائهم ومؤامراتهم.

اللبنانيون لا يحتاجون إلى قدرة إلهية ليكتشفوا رياء الذين يهللون للنسبية في العلن ويلعنونها في السر . ولماذا يعملون على تعطيلها طالما أن الذي  سيعطلها موجود ؟ لماذا تطبخ إن كان عندك طباخ؟؟ على ما يقول المثل.

هؤلاء الماكرون لم يعجزوا فحسب عن وضع أزمة البلاد على سكة الحل ، بل هم الذين يعطلون كل الحلول، وهم الذي سيجددون لقانون الانتخاب ، وسيجددون بالتالي لأسباب الأزمة ولمسببيها . وهم الذين يتمسكون بأداور تتناسب مع  قاماتهم القصيرة الغارقة في وحل سياسة الانقسام والاستزلام والفساد .

لكن اللبناني ، القادر بذكائه على كشف المكر، يضع عقله ومصلحته الوطنية في الثلاجة يوم الانتخاب، ويتبع غريزته  ويصفق لسادته الذين يتحاصصونه كل أربع سنوات مرة ، ويتحاصصون الوطن وثروته المادية والبشرية على مدار كل السنوات.

أيها اللبنانيون ، اقرأوا كتاب الله. عليكم أن تمكروا لتفضحوا رياء المتحاصصين.