13 أكتوبر، 2024

الدولة والسلاح والسيد

5-8-2012

بعيدا عن المساجلة مع خطاب الأمين العالم لحزب الله ، نشير إلى خطأين يتكرران المرة تلو المرة: الأول يتعلق بوظيفة السلاح ووجهة استخدامه . بعد حرب 2006 ، تحول من سلاح مواجهة إلى سلاح ممانعة ، أي أنه صار يشبه سلاح الجيش السوري على الجولان منذ العام 1973. والممانعة، بالتعريف هي صيغة من المراوغة لتحسين شروط التسوية ، أو هي استسلام مبكر أو استسلام غير معلن ، أو هي تأجيل القرار بالمواجهة ، لعل تغيرا ما يطرأ على موازين القوى، فتتحسن شروط الاستسلام. كل ذلك في ظل حروب كلامية وبهورات تتجه إلى ما وراء الحدود ثم لا تلبث أن تتحول إلى مجرد صدى وتنحصر ارتداداته في الداخل.

والممانعة هي اعتراض ضمني على معطيات الواقع  ثم الامتناع عن المبادرة إلى تغيير هذه المعطيات. في الحالة السورية بعد حرب تشرين ، كما في حالة حزب الله بعد عناقيد الغضب ، مقابل الانصياع للقرارات الدولية والاحجام عن أية طلقة على الحدود ، ترجمت الممانعة قبضة حديدية في الداخل ضد أي صوت معترض ، تحت طائلة رمي الرأي الآخر بالخيانة والعمالة.

بهذا المعنى لا يعود المطلب المتعلق بالسلاح مطلبا إسرائيليا ولا أميركيا لان هذين الطرفين متيقنان من الالتزام بعدم استخدامه ضدهما ، ولأنهما ، بوحشيتهما المعروفة ، قادران على تدميره فوق رؤوسنا من دون حساب لكل أنواع الخسائر المادية والبشرية التي قد نتكبدها ، ومع حرصهما الفائق على حصر خسائرهما في الجانب المادي وعلى حماية وحدة الدولة والأمة لدى كل منهما. وبهذا المعنى لا يعود مطلب نزع سلاح حزب الله مطلبا أميركيا ، بل ربما يكون وجوده حاجة وذريعة ومبررا لوضع نزعتهما العدوانية موضع التنفيذ .

الخطأ الثاني هو في الاستخدام المغلوط لمصطلح الدولة. يقول السيد مثلا: في اللحظة التي يصبح فيها السلاح في يد الدولة يفقد دوره الردعي…الخ. من الطبيعي ، حين يختلط حابل الدولة بنابل السلطة والنظام والحكومة ، أن تصبح الجملة  ” غير مفيدة” لغويا. فالدولة هي الأمين العام لحزب الله وأصدقاؤه اللدودون وحلفاؤه في الحكومة ، وهي أيضا خصومه خارجها. والدولة هي السلطة والمعارضة وهي الأكثرية والأقلية … الدولة هي الشخصية المعنوية التي تجسد وحدة الأمة وسيادة الشعب على أرضه ، على حدود الوطن وداخل حدود الوطن ، السيادة التي لا تعني غير سيادة القانون والالتزام بموجباته.

السلاح اليوم موجود في يد السلطة ، لكنها ليست سلطة الدولة ولا القانون . بل هي بين من يفضي تنازعهم على السلطة إلى تخريب الدولة ومؤسساتها . من بين ما طاله التخريب ، الأقانيم الثلاثة التي تقوم الدولة عليها : أرض وشعب وسيادة ، والتي تتم ترجمتها ، على ضوء المفاهيم المغلوطة، إلى أقانيم أخرى: الجيش والشعب والمقاومة.

المطلب اللبناني ، وليس الأميركي أو الاسرائيلي ، أن يصبح السلاح سلاحا للدولة وليس للسلطة . يعني تحت سلطة القانون وسيادته.

يعني أن يكون صاحب القرار بشأنه مؤسسة تابعة للدولة لا لجنة تأتمر بقرارات الولي الفقيه.

حين يتصرف حزب الله باعتباره جزءا من الدولة ، ومكونا من مكوناتها ، يتيقن أنه جزء من قرار السلم والحرب ومن قرار استخدام السلاح.

غير أن المشكلة تكمن في بدعة القرار من خارج الدولة .

 وكل بدعة ضلال ، وكل ضلالة في النار.