7 يونيو، 2025

كلنا مع الدولة: امتحان أهلية حتى للمفتي

جريدة الحرة ـ بيروت https://hura7.com/?p=56591    

في باب “كلنا مع الدولة”، بعيداً عن سجالات مملّة على المنابر والمنصات ووسائل الإعلام، المعيار الذي سنعتمده في مقالاتنا هو الدولة والدستور.

لأن المفتي يتقاضى راتبه من  المال العام مثل سائر موظفي الدولة، إذن عليه، دون رجال الدين الآخرين، الخضوع لأحكام قانون الموظفين الصادر عن السلطة التشريعية منذ عهد الشهابية.

لأنه موظف ينبغي أن يخضع لامتحان دخول إلى الوظيفة بإشراف مجلس الخدمة المدنية، على أن تضم اللجنة الفاحصة مختصين في علوم الدين واللغة والإدارة، ثم يتم تعيينه، من داخل الملاك في دوائر الأوقاف أو من خارجها، بالآليات ذاتها المعتمدة من قبل الحكومة في تعيين موظفي الفئة الأولى.

مناسبة هذا الكلام ما صدر عن المفتي الجعفري والردود عليه. ليست المرة الأولى، آخر تصريحاته كلامٌ موجهٌ إلى المسؤول المباشر في الدولة عن دوائر الإفتاء، أي  إلى رئيس الحكومة، يريد فيه تصويب الموقف الرسمي المدافع عن السيادة الوطنية ضد تدخل الدولة الإيرانية في لبنان.

سلسلة من الأخطاء في كلامه كل منها مدعاة لإحالته إلى هيئات الرقابة والقضاء الإداري، أي الهيئة العليا للتأديب. الأول مخاطبته رئيسه المباشر، حسب التسلسل الإداري، ضارباً عرض الحائط التراتب بين الرئيس والمرؤوس. الثاني جهله التام أحكام الدستور، ذلك أنه لا فضل في تسمية رئيس الحكومة، لا لإيران ولا لأحد ولا لجهة غير المجلس النيابي اللبناني والاستشارات الملزمة. الثالث خروجه عن آداب المخاطبة فهو يبدو كأنه يعطي دروساً في السياسية لرئيس الحكومة وكلامه يحمل في طيات صياغته اللغوية ما لا يليق بمراسلات المرؤوس إلى رئيسه، وينطوي على شيء من التعالي والتهديد المبطن.

الخطأ الأكثر فداحة سوء تقدير لما يتركه كلام رجال الدين عموماً ولاسيما المفتي من انعكاسات سلبية على السجال الدائر حول موضوع السلاح والشرعية والسيادة الوطنية، خصوصاً حين يستقوي بعض “الأهالي”  بهذا الكلام فيصرخون في وجه رئيس الحكومة بأسلوب غير مهذب، ويعترضون على دوريات قوات اليونيفيل في الجنوب الموجودة أصلاً من أجل حمايتهم.

دفاعاً عن موقف الحكومة ورئيسها تولى وزير الخارجية الرد على كلام المفتي، وهذا من صميم مهماته لأن الأمر يتعلق بالسياسة الخارجية للدولة. وقد فعل ذلك، من موقعه كوزير في الحكومة، لا بصفته متحدراً من “القوات اللبنانية” ولا ناطقاً بإسمها.

استناداً إلى معيار الدستور والدولة أيضاً، لم يكن تدخل سمير جعجع في محله، أولاً لأنه بدا وكأنه يدافع عن وزير من حزبه، وثانياً لأنه سلط الضوء على عاهة في تشكيل الحكومة كان يمكن تفاديها، إسمها المحاصصة.

About The Author