2 أبريل، 2025

السلاح غير الشرعي والميليشيات، حزب الله ليس وحيداً

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=863392
  
الحوار المتمدن-العدد: 8298 – 2025 / 3 / 31 – 21:29

في السجالات اليومية اللبنانية والدولية اليوم يبدو حزب الله وكأنه المعني الوحيد بحيازة السلاح غير الشرعي. هذا صحيح بمعيار معين وخاطئ بمعايير أخرى. صحيح إذا كان المعيار هو حيازته سلاحاً نارياً يشبه ما بحوزة الجيوش. بهذا المعنى لا يكون افتئاتاً عليه اتهامه بإذكاء نار الفتنة داخل لبنان بمثل ما اتهم باستدراج العدو الاسرائيلي إلى حربه الطاحنة على المناطق ذات الأكثرية الشيعية والتي طالت بشظاياها كل بنية الوطن الاجتماعية والسياسية.
وهو غير صحيح إذا كان الموقف من إعادة بناء الدولة هو المعيار، لأن هناك أسلحة أشد فتكاً بالوحدة الوطنية وأكثر قدرة على إعاقة مشروع الدولة، وهي ليست كلها أسلحة نارية وليست كلها ملكية حصرية بحزب الله، وإن كان هو المالك الأكبر لكلي النوعين من هذه الأسلحة. بل هي ملك شرائح واسعة من اللبنانيين الذين تجمعهم ولاءاتهم المذهبية والطائفية والعصبية الحزبية أكثر مما يوحدهم الولاء للوطن.
قد تكون القرارات الدولية ركزت على السلاح الناري، لإنها كلها صدرت لمعالجة ما يتعلق بالصراع المسلح مع إسرائيل، لكنها ضمّنت صراحة في بعض القرارات هدفها من جمع السلاح غير الشرعي، وقصدته في أخرى من غير أن تذكره. الهدف هو إعادة بناء الوطن سيداً على حدوده بعد الانسحاب الإسرائيلي وداخل أراضيه بعد حل الميليشيات، وإعادة بناء الدولة، دولة القانون والمؤسسات.
القوى السياسية كلها استخدمت “الشطارة” اللبنانية فراحت “تتذاكى” على القرارات وتتهرب من تنفيذها، وفرزت نفسها على أساس معيار السلاح لا على معيار الهدف من نزعه. بناء على هذا المعيار بدا حزب الله وحده متمرداً على تنفيذ القرارات الدولية، وهذا صحيح بنسبة كبيرة بحسب المعيار الأول، لأن السلاح الخفيف مازال منتشراً بين اللبنانيين، فيما يحتفظ حزب الله بسلاح ثقيل يصلح لما هو أكبر من الحروب الأهلية.
ليس حزب الله وحده من يتذاكى ويتشاطر، من لازمة مزارع شبعا إلى حماية المياه الجوفية حتى التمييز بين شمال الليطاني وجنوبه، فيدافع بمحاججاته الركيكة المتهافتة عن حقه بامتلاك السلاح إلى أن يظهر صاحب العصر والزمان وتتحرر القدس. معظم القوى السياسية اللبنانية التي تواجهه تستند على نصوص القرارات وتغفل ما تهدف إليه، فتتبنى مواقف ليست أقل قدرة من سلاح حزب الله على إعاقة بناء الوطن والدولة، وهو ما ينعكس مخاوف من تجدد الحرب الأهلية أو من تجدد الحرب الإسرائيلية على لبنان.
المحاصصة خطر على بناء الدولة، بل هي في حالة السلم، الخطر الأكبر. من ليس محاصصاً فليرجم حزب الله بحجر. بعضهم يذهب إلى أقاصي المحاصصة فلا تعنيه وزارة ولا يأبه بأي موقع إداري، بل يطالب بفدرلة لبنان ليعيش بعيداً عن “فسطاط” حزب الله و”ثقافته” و”حضارته”.
الشحن الطائفي خطر على بناء الدولة. الثنائي هو الأقوى في هذا المجال باستخدامه خطاباً لا يثير النعرات فحسب بل يستند إلى أوهام ويستحضر من التاريخ أساطيره وصراعاته. شعوب العالم المعاصر قرأت تاريخها وكرمت عظماءها ومآثرهم، فيما لا يزال الثنائي يقرأ التاريخ بمصطلحات ماضٍ ساد فيه الجهل والأمية فصح فيه ما يبنى على قول أينشتاين، من الغباء انتظار نتائج مغايرة إذا تكررت الشروط، ومن الغباء انتظار النتائج ذاتها من ظروف مغايرة. آخر هذه القراءات الجاهلة رؤية هلال العيد.
سلاح حزب الله خطر على الدولة. هذا صحيح، لكن المطالبة بنزعه على يد الجيش اللبناني خطر على السلم الأهلي. صاحب القرار هو المعني بتنفيذه، أما لبنان فمطالب بحل مشكلة السلاح وكل المخاطر الأخرى التي تعيق إعادة بناء الوطن والدولة لا عن طريق العنف بل بالحكمة والاحتكام إلى القانون وبتعزيز الديمقراطية، بما هي اعتراف متبادل بالآخر المختلف. حزب الله بدوره ينفخ بنار الحرب الأهلية حين ينظر إلى السلاح من زاوية القرارات الدولية وحدها. ويحاول إقناعنا بمعاداة العالم كله كرمى لقراءات مغلوطة لآيات الكتاب المقدس.
الميليشيات عقلية قبل أن تكون سلاحاً. أخطر المراحل التي مرت بها الدولة في لبنان هي مرحلة الانهيار التي أسس لها نهج التيار الوطني الحر في عهد ميشال عون. العقل الميليشيوي محاصص من الطراز الأول، ومحرض طائفي من النوع الرخيص، لذلك يبدو التركيز على حزب الله في موضوع نزع السلاح الميليشيوي وكأنه تغطية على المحاصصين والطائفيين الذين لا يملكون السلاح الناري أو لا يستخدمونه. نعم. الميليشيات غير المسلحة لا تقل خطراً عن المسلحة.
الإحجام عن قراءة الماضي قراءة نقدية هو الخطر الأكبر. من لم يستنتج أن أحداً لا يخرج رابحاً من أي حرب أهلية، ومن لم يتعلم من أن استدراج القوى الخارجية واستخدامها ضد أهل بلده ينطبق عليه قول المتنبي، ومن يجعل الضرغام للصيد بازه ….. تصيده الضرغام في ما تصيدا، ومن لم يقم بعملية نقد ذاتي لدوره في الحرب الأهلية، بمن فيهم حزب الله الذي يبرئ نفسه من هذا الدور وهو ليس ببريء منه، ومن شارك في التدمير، لن يكون أي منهم مؤهلاً للقيام بمهمات الوحدة الوطنية وإعادة البناء.

About The Author