23 نوفمبر، 2024

رجل الدولة

22-3-2012

في مقالتي ، الإسبوع الماضي ، عددت أنواع المضاف والمضاف إليه في الاستخدام اللغوي لكلمة الدولة ، مثل ، مالية الدولة ، كهربا الدولة ، خزينة الدولة ، الخ. وتفاديت أن أذكر “رجل الدولة” في عداد القائمة حتى لا أحشره مع جحش الدولة ، وهو عنوان المقالة ، وحتى لا أسيء إلى سياسيي بلدنا . لكنهم لا يقبلون ، على ما يبدو ، أن  نتعامل معهم بالتهذيب المطلوب ، فيسارعون إلى حشر أنفسهم في قائمة الجهلة والمتطفلين والطفيليين على الدولة ،  في كل  مؤتمراتهم الصحافية وفي كل تصريحاتهم اليومية.

طالعنا أحد قادة الثامن من آذار في مؤتمره الصحافي بكلام عن مسؤولية بعض الوزراء دون سواهم في فضائح هذه الأيام ، نائيا بنفسه وبوزرائه عن أية مسؤولية ( الأمن الغذائي مسؤولية وزير الاقتصاد ، عدم إقرار الموازنة مسؤولية وزير المالية ، فضائح الكهرباء مسؤولية رئيس الحكومة، الخ ). ثم طالعنا أحد ممثلي 14آذار ، في مؤتمر صحافي مقابل بضرورة دعم مؤسسسات الدولة وفي طليعتها مؤسستا الأمن ، الجيش وقوى الأمن ، الخ.

لا نعترض على مضمون هذه التصريحات  وما تنطوي عليه من ضرورة المحاسبة الدقيقة أيا يكن موقع المسؤول عن الفضائح ، ولا على ضرورة تعزيز قوى الأمن والجيش اللبنانيين، لكننا نخجل من أن يكون المسؤولون عنا من الحكام ، الذين يصمون آذاننا بالكلام عن الدولة وأهميتها ، لا يعرفون “كوعهم  من بوعهم” في موضوع  الدولة .

لذلك ، والحال هذه ، علينا ألا نخجل من ضرورة تقديم النصح لهم بالخضوع لدورات تثقيفية أولية ، لعلهم يتعلمون بعض المبادئ الأولية المتعلقة بالدولة، ومنها :

  1. الدولة غير السلطة . الدولة هي السلطة والمعارضة معا ، هي الحاكم والمحكوم . الدولة هي الشخصية المعنوية التي يجسدها شعب وأرض وسيادة.
  2. السيادة لا تعني شيئا آخر غير سيادة القانون ، على الحدود وداخل الحدود ، ولذلك لا يجوز لحاكم أن يتحدث عن السيادة بنوعيها، إذا كان يمارس كل فنون الانتهاك للقانون .
  3. الجيش وقوى الأمن هما من أجهزة الدولة لا من مؤسساتها ، والخلط بين الجهاز والمؤسسة هو وراء بدعة الجيش والشعب والمقاومة . في هذا الثالوث الجيش والمقاومة هما البديل عن الشعب والسيادة . إنهما عدوان سافر عليهما  وعلى الدولة وعلى الوطن.
  4. دولة المؤسسات تعني أن على أجهزة الدولة كلها أن تعمل كمؤسسة ، أي في إطار عمل جماعي تحكمه المعايير الديمقراطية . وتعني أن بدعة الوزير المعارض لا محل لها في قاموس الدولة . الوزير المعارض عليه أن يستقيل من السلطة التنفيذية ويعارض في المجلس النيابي.

خامسا وسادسا وسابعا وثامنا وتاسعا( بالإذن من نزار قباني) …إنهم رجال سياسية رخيصة لا رجال دولة . بعضهم تضيق صدورهم من النصائح ، وبعضهم تضيق عقولهم عن فهمها . لذلك لم يكن تحفظنا في محله حين امتنعنا عن جمع رجل الدولة وجحش الدولة  في قائمة لغوية واحدة.