
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=865757
الحوار المتمدن-العدد: 8319 – 2025 / 4 / 21 – 10:49
للتذكير مرة أخرى، المارونية السياسية ليست طائفة، والشيعية السياسية ليست مذهباً دينياً. هما مصطلحان سياسيان يحيلان إلى تشكيلات حزبية. يحلو للبعض أن يعمموا، باللغة الطائفية، فيقولون بوجود سنية سياسية ودرزية سياسية وهو ما لا يتطابق مع واقع الحال.
مصطلح سياسي يعني منهج تفكير يستخدم سردية ويوظف أفكاراً ومشاعر دينية لبناء برنامج للحكم يخدم مصالح الحزب أو زعيمه وقد تستفيد منه الحاشية القريبة. أما الزجالون فيملكون من التعصب ما يكفي للشحن والتحريض وإضرام النار في هشيم الجهل، حيث الضحايا هم ضعاف النفوس وضعاف الوعي الذين يقاتلون باسم الدين والزعيم، ويستبسلون دفاعاً عن مصالح ليست بالتأكيد مصالح الوطن ولا الطائفة ولا الدين.
على الضفة الأولى تعود الذاكرة بأحد المعممين ليرى أن الجراجمة الذين كانوا موارنة في حلب وحمص وهاجروا إلى لبنان وحماهم الإمام الأوزاعي في البداية ثم نظام المتصرفية وتعهدتهم المؤامرة الأميركية الصهيونية هم من تسببوا بكل الحروب مع المسلمين.
على الضفة ذاتها ينبري من يطالب بحقوق مهدورة للشيعية ويريد “تبادلاً بالمناصب ونظاماً سياسيّاً جديداً بالبلد، من قانون انتخاب، إلى إلغاء الطائفيّة، إلى تبادل بالرئاسات، ويرى أن المشكل لا يزال مع رأس المارونيّة السياسيّة”
على الضفة الثانية يستحضر أحد الفدراليين لغة طائفية مقيتة فيعيد أسباب الحرب إلى عداء للمكون المسيحي ويدعو المسيحيين إلى “أن يتصالحوا مع فكرة أن الصراع الطائفي لا ينتهي”، ويستفيض في استخدام مصطلحات من لغة المحاصصة الميليشيوية، فيرى أن ما يشتهيه الشيعة هو من حساب حصة المسيحيين، إلى آخر السردية التي تبرر انطواء كل طائفة على نفسها داخل كانتونها.
على الضفة الثانية أيضاً كورس من المبتهجين بهزيمة حزب الله الذين يختزلون نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان بشعار “نزع السلاح” مع ما ينطوي عليه من شماتة وقلة تبصر. الأخطر عود على بدء وسردية تحمّل الفلسطينيين والغرباء واليسار الدولي المسؤولية عن كل المآسي وتبرئ من دافعوا عن لبنان القديم قدم التاريخ، لبنان الذين كان صغيراً فضمت المارونية السياسية إلى جبله الأشم شعوباً أخرى ظلت عصية على الاندماج.
وضفة ثالثة بطلها حزب الله نسيج وحده. المنتصر دوماً، حتى لو استشهد قادته وقضى مجاهدوه تحت ركام القرى المهدمة. الرافع دوماً إصبع الوعيد والمهدد بعظائم الأمور إذا ما نطق أحد بكلمة السلاح مقرونة بجمعه أو تسليمه أو حتى إهدائه لقوى الشرعية اللبنانية، والويل الويل لمن ينطق بنزعه فيهددونه بحرب لا تنتهي إلا مع ظهور المهدي المنتظر.
على الضفاف كلها يغرف الزجالون من معين الشحن العنصري الطائفي المذهبي ويستهويهم الكلام عن ثنائيات تقسيمية، ثقافة الحياة وثقافة الموت، الغرب والشرق، نحن وهم، عندنا وعندهم، مقاومون وعملاء، سياديون وعملاء، متصهينون ومستعربون، عثمانيون وفرس. زجالون يرون في النقد الذاتي نقيصة وفي الاعتراف بالخطأ عاراً.
لن نكلّ ولن نملّ من القول، لا حل إلا بالدولة. الدولة التي لم تنشأ لا أيام الجراجمة والأمويين ولا أيام الفينيقيين ونبوخذ نصر، بل هي دولة الجمهورية التي تأسست مع إعلان الدستور وقيام لبنان الحديث، أحد مؤسسي الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة. لبنان الذي أثخنته الحروب جراحاً ودمرت الميليشيات مؤسساته وانتهكت قوانينه وعاث حكامه فساداً ونهبت المافيات خيراته والمال العام.
لبنان الوطن والدولة انكشفت أمامه بارقة أمل مع عهد جديد. فليسترح أهل الضفاف الحربجيين وليتركوا البناء للراغبين بإعادة البناء وللقادرين عليه.
مقالات ذات صلة
في نقد المنبر الوطني للإنقاذ
-موران كنعان- وعهود الوصاية
متاهة الضائعين لأمين معلوف(5) الولايات المتحدة واللوبي اللبناني