28 مارس، 2024

صرختان لا تنقذان وطنا

10-6-2012

البارحة جمعية المصارف ، وقبله غرفة التجارة. صرختان تنبهان إلى وضع اقتصادي خطير وتنذران  من انهيار . في الصرختين شكوى من سياسيي لبنان الذين لا يكتفون بإدارة الأزمة إدارة سيئة ، بل هم يصبون الزيت على نارها ، فيرفعون منسوب التوتير في الأجواء السياسية ، ويزرعون الرعب في نفوس المواطنين والمغتربين والسائحين ، ويعقدون ظروف اللبنانيين المقيمين خارج  لبنان ، ويمعنون في جر الوطن إلى بؤرة الصراعات الإقليمية ، ويزجون به في أتون الالتحاق غير المشروط وغير المدروس بقوى خارجية ، ويقاتلون نيابة عنها ، ويعملون على تدمير الدولة والاقتصاد وعلى تفكيك اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية ، كل ذلك مقابل مكاسب مادية يتقاسمون من خلالها (يتحاصصون ) ثروة البلاد .

مهما قيل في سياسيي لبنان ، “يعيا البيان ويعجز التعبير” عن مدى ما يثيرونه في النفس من قرف وتقزز لدى الحريصين على بناء مستقبل هذا الوطن ، من غير الرعاع والدهماء والرعية الماشية خلف الراعي.

بصراحة ، الصرخة المزدوجة تقع في غير محلها ، لأن السياسيين في الدول الرأسمالية الحديثة يفترض أن يمثلوا الكتل الاقتصادية والطبقات الاجتماعية ، وأن يدافعوا عن مصالح من يمثلون . لكنهم ، في لبنان ، لا يمثلون لا هذه ولا تلك ، بل هم اختلسوا التمثيل السياسي ، بالوراثة أو بالتعيين أو بالتشبيح أو باستخدام كل وسائل التضليل الإيديولوجي والتحريض الطائفي والمذهبي، أو بامتطاء صهوة القضايا القومية . أحد الوزراء قدم الدليل صريحا على ما نقوله ، حين لم يجد غضاضة في الاعتراف بأنه ، وهو داخل الحكومة ، لا يمثل الصناعيين بل الكتلة التي اختارته ليكون وزيرا، وصوت خلافا لقرار جمعية الصناعيين .

إذا كان رأس المال جبانا ، تبعا لما هو متعارف ، فإن الصرختين تبينان أن الرأسمالي قد يكون شجاعا . فإلى متى ينتظر أهل الاقتصاد حتى يختاروا هم من يمثل مصالحهم في الحقل السياسي . أما آن الآوان أن يتوقف أهل الاقتصاد عن تمويل سياسيين  لا يمثلون سوى مصالحهم الشخصية أو الحزبية، وأن يسألوا أنفسهم عن جدوى التحاقهم بمن يتحاصصهم ويمون على أموالهم وعلى أصوات ناخبيهم ، ويملي عليهم المواقف ؟؟

أما آن أن يسأل اصحاب الرساميل عن جدوى تمويلهم  مشاريع الشيعية السياسية  والمارونية السياسية والسنية السياسية ، وأن يوازنوا بين مكاسبهم الضيقة داخل الطائفة وخسارة وطن ، وأن ينتبهوا إلى أن مصالحهم المالية والاقتصادية لا تحدها حدود الطائفة ولا حتى حدود الوطن  ؟

أما آن أن يكمل أصحاب الرساميل مشوار الشجاعة ، الذي بدأ بصرخة أو صرختين ، فيدخلوا إلى حقل السياسة ويشرفوا بأنفسهم على حل الأزمة الاقتصادية ، ويزيحوا مغتصبي التمثيل السياسي عن مركز القرار ، وأن يكفوا عن مناشدتهم ، لأنهم هم سبب الأزمة ، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه؟

رأس المال جبان ، فهل يكون الرأسماليون شجعانا ؟ هل يبحثون عن ربيعهم اللبناني؟