24 أبريل، 2024

بين خطبة الوداع وخطاب القسم

27 آب 2022

https://www.nidaalwatan.com/article/103569

في الأول من أيلول تبدأ المهلة الدستورية الخاصة بالاستحقاق الرئاسي. أنصح كاتب خطبة الوداع بعدم العودة إلى خطاب القسم، لأن المقارنة مفجعة ولا تليق بموقع الرئاسة. فقد ورد في الخطاب بالنص الحرفي أن «يمين الإخلاص للأمّة، التي أورد الدستور نصّها الحرفي، إنّما هي التزام وجوبيّ على رئيس الجمهورية من دون سواه من رؤساء السلطات الدستورية في الدولة، وفيها كل المعاني والدلالات والالتزامات». الزلة الأولى تمثلت بعدم التزام الرئيس بالنص الحرفي في مشهد بدا فيه كتلميذ كسول لم يحفظ درسه. لم تكن زلة بل بداية إفراغ القَسَم من كل «المعاني والدلالات» ومن أي التزام بالنص الحرفي للدستور.

ورد في القَسَم أن «الاستقرار السياسي لا يمكن أن يتأمن إلا باحترام الميثاق والدستور والقوانين». بعد سنوات ست بدا الرئيس في «المباحثات» لتشكيل الحكومة كأنه ينهل من لغة الدستور العثماني حيث الملكية لله إسمياً و»لخليفة الله» فعلياً، الذي «يستسقى به المطر»، وبدت الثروة موزعة بالمحاصصة على قواعد ومعايير المساقاة والمزارعة والمقاسمة والمخامسة والمرابعة. فقد خرج من القصر صدى لحوار وردت فيه العبارة المعيبة، من حصتك وليس من حصتي.

وورد في القسم كلام عن «ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية» ولست أدري ما الذي ستقوله الخطبة عن «كاملها» فيما يسود الاعتقاد بأن حرفاً واحداً من الوثيقة لم يطبق لأنها بقيت خبيئة الأدراج على امتداد سنوات العهد.

وورد كلام عن ضرورة «إقرار قانون انتخابي يؤمّن عدالة التمثيل» ويعلم القاصي والداني أن القانون الذي تم سنه هو الأسوأ إطلاقاً في التاريخ القديم والحديث، لأنه لم يكن يبغي غير إيصال صهر القصر.

وكلام عن «ضرورة إبتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية»، ولم يشهد لبنان مرحلة تحول فيها إلى رهينة لصراعات الخارج وصار الخارج فيها جزءاً لا يتجزأ من صراعاته الداخلية كتلك الممتدة بين الخطاب والخطبة.

وكلام عن «تحريرالأمن والقضاء من التبعية السياسية» وقد تم تدشين العهد بإذلال القضاء من اللحظة التي عمم فيها العهد التقاليد الميليشيوية ونشرها في كل مؤسسات الدولة، بدءاً بالامتناع، خلافاً لأحكام الدستور، عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية وليس انتهاءً بأعمال التشبيح والبلطجية التي قامت بها أوساط قضائية بتشجيع من أهل القصر وأنسبائه ومستشاريه.

وكلام عن «الاستثمار في الموارد البشرية، وبشكل خاص في قطاع التربية والتعليم والمعرفة». إذا التربية «الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت» فماذا ستقول لنا الخطبة»، أبتدمير قطاع التعليم أم بتشريد العقول اللبنانية في أرجاء الأرض الأربعة أم بتحقير العلم والعلماء والكفاءات وترئيس الجهلة والفاسدين؟

وكلام عن «إرساء نظام الشفافية عبر إقرار منظومة القوانين التي تساعد على الوقاية من الفساد وتعيين هيئة لمكافحته». ومن نافل القول والملاحظة أن العهد مضى في مسار معاكس تماماً فهو متهم برعايته الفساد وامتناعه عن تشكيل هيئة لمكافحته وهيئة ناظمة للكهرباء وبتخريب هيئات الرقابة.

واختتم خطاب القسم بالقول «يبقى الأهم اطمئنان اللبنانيين الى بعضهم البعض والى دولتهم بأن تكون الحامية لهم والمؤمّنة لحقوقهم وحاجاتهم، وأن يكون رئيس الجمهورية هو ضامن الأمان والإطمئنان». فهل أفضل للبنانيين أماناً واطمئناناً مما هم فيه عند نهاية عهد وعدهم بجهنم وبر بوعده وأفقرهم وجوعهم وأذلهم على أبواب السفارات وأبواب المصارف؟

تحية احترام وتقدير للذين عارضوا انتخابه. على أمل ألا يلدغ المؤمنون بلبنان من الجحر مرة ثانية.

أفضل بديل من خطبة الوداع إخلاؤه القصر مع أقربائه ومستشاريه من دون كلام.