5-5-2012
المناظرة بين المرشحين للرئاسة الفرنسية فرضت مقارنة مع إطلالات السياسيين اللبنانيين الإعلامية ، ومع البث المباشر لجلسة المجلس النيابي الأخيرة. المحصلة شيء مخجل ، جرصة…
الرئيس الأميركي حين يطل على الإعلام يلقي كلمة مكتوبة لا يتجاوز إلقاؤها دقائق.
في المناظرات الكبرى ، كالتي حصلت في باريس ، أو تلك التي تحصل في الانتخابات الأميركية، تكون المبارزة بين ملفات محضرة بدقة ، وبين رجال دولة مهذبين يحرصون على تفنيد حجج الخصم بكل احترام .
المحاور في الدول المتقدمة لا يتوجه إلى إقناع خصمه فحسب ، بل يرغب، قبل ذلك ، بإقناع المشاهد أوالمستمع ، ولذلك فهو يحترم الوجود المضمر لجمهور من المواطنين خارج المنصة يقف على ضفتي الحوار.
الخ ، الخ…
أما عندنا فلا يرضون إلا بمطولات غير مكتوبة ، ويتباهون بالصوت العالي الذي سرعان ما يتحول إلى صراخ ، ويخطبون أحيانا بالفصحى، بعربية لا تحترم قواعد اللغة ولا أية قواعد. يوظفون كل أنواع المستشارين إلا المدقق اللغوي.
الميكروفون يفيض إغراء فيخرج الكلام بلا ضوابط ، وينسى الخطيب بداية الجملة فيسترسل وتخونه البلاغة والفصاحة ، ويكون المخرج بالتهديد والوعيد ورفع السبابة.
أما الملفات فحدث ولا حرج . ملفات تتكرر بين طلة إعلامية وأخرى ، وهي إن كانت تافهة في الأولى ، تخيلوا كم يصبح حجم التفاهة في الثانية. وإن اختفى ملف فلا نعرف كيف ولماذا وعلى أي أساس… شهود الزور أين صار ملفهم ، فضيحة المازوت الأحمر كيف أقفل التحقيق فيها ، ملف العملاء كيف بدأ وكيف انتهى ، معمل الشيبس ومستودعه ، بواخر إنتاج الكهرباء، الكهرباء فوق الأرض وتحت الأرض؟؟؟
المحاورون كلهم خبراء استراتيجيون ، لا يهمهم الجمهور ، فهم يعتقدون أن ” خبرة” الواحد في مجاله تضاهي كل أنواع المعارف ، ولذلك فهم لا يستمعون للرأي الآخر ، ويسفهونه سلفا .
أما غير الخبراء فهم سياسيون لم يكن الشعب هو الذي اختارهم . قبلا ، كان العميد السوري يسمي المرشحين ويشكل اللوائح ويعين الوزراء . بعدها صار المحاصص هو الذي يسمي الناجحين سلفا. فهل من الضروري ، في هذه الحال ، احترام الجمهور؟؟؟ خبراء أو غير خبراء ، إنهم لا يحترمون أنفسهم.
تيسر لي أن أستمع إلى حوار مع أحد الوزراء:
المذيعة : ما رأيك بتصريح السفير السوري على درج وزارة الخارجية اللبنانية؟ الوزير: ما رأيك بتصريحات السفيرة الأميركية؟
المذيعة : الجيش السوري يطلق النار على لبنانيين وسورين داخل الأراضي اللبنانية ، ما رأيك ؟ الوزير: ألا ترين العدوان الإسرائيلي ؟
المذيعة :ماذا يريد وزير الخارجية الإيراني؟ الوزير : وماذا يريد ممثل وزيرة الخارجية الأميركية؟ إيران قدمت لنا مساعدات ، فماذا قدمت أميركا؟
المهم ، في نظر معاليه ، أن تكون سيادتنا في قبضة أحد سوانا!!!
ننصح الوزير بتغيير اسم العائلة : كلمة جريصاتي مشتقة لغويا ، متل الحكواتي من الحكي ، من تصغير كلمة جرصة . على كل حال ، لو كانت الجرصة في الإسم لكان التعديل سهلا.
مقالات ذات صلة
تعديلات على بيان بعبدا
صقر شريك في الخطيئة
تعديل على الاستقلال المقبل