15 كانون الثاني 2020
إلى السيدين حسن نصرالله ووليد جنبلاط
الممانعة والصمود والتصدي مصطلحان سياسيان، ينطوي كل منهما على مضمون. إستُخدما في الأدب السياسي توصيفاً لواقع وتعبيراً عن حقيقة، واقع حركة التحرر العربية وحقيقة تراجعها وتفككها وانهيارها. أيا تكن المرارة فيهما فاستخدامهما ليس شتيمة لتثير غضب السيد حسن نصرالله ولتملي على السيد وليد جنبلاط الاعتذار. فقد ورد عنهما في كراس نشرناه في خريف 2004، تحت عنوان، اليسار بين الأنقاض والإنقاذ، ما يلي:
“كانت حركة التحرر الوطني العربية قد حددت جبهة أعدائها، وكانت ظروف إقليمية ودولية قد فرضت عليها أن تسلك في صراعها مع جبهة اعداء الخارج سلوكاً هجومياً، بدأ مع تأميم قناة السويس واستمر حتى حرب تشرين. بعد هذا التاريخ ساد في أدبيات الصراع مصطلح الممانعة، وهو يعني البقاء في موقع الصمود، من غير التصدي، إزاء ما يطرح من مشاريع لتسوية القضية الفلسطينية وقضية الأراضي العربية المحتلة. والممانعة تعني عدم الاستسلام لمخططات أعداء الخارج. لكنها، في ظل سياسة الصمت وعدم المبادرة، كانت تعني انتظار تغييرات في معطيات الصراع من دون أن يكون لحركة التحرر أو لما تبقى منها أي فعل فيها، أو تدخل أو مبادرة لتعديل هذه المعطيات لصالح القضية العربية، ما جعل سياسة الممانعة تعني تأجيل الاستسلام فحسب وليس رفضه. إنها إذن استسلام مبكر، أو استباقي”.
كذلك كتب ياسين الحاج صالح في تعريف الممانعة النص التالي: “الممانعة إعطاء ظهرنا للعدو والثبات في موقعنا قدر الإمكان، إدبار وصمود. إنها امتناع عن مواجهة العدو، وعن التطوع لفعل ما يرغبه. هي أيضاً مرتبة وسطى بين مواجهة قد تنقلب إلى مجابهة مفتوحة وبين “الاستسلام للعدو”. في الممانعة دِبرُنا للعدو لكننا صامدون لا نتزحزح – إلا إذا اضطررنا. وتاريخ الممانعة هو تاريخ تأهب للاضطرار، واستعداد للانضغاط حين يضغطنا العدو. وهي تستبطن تاريخ إخفاقات موجعة أمام إسرائيل، وتسدد قسطها للعلى بأن تسارع إلى إرضائها. والوضع الممانع هو وضع انهزام موقوف، لكنه ينتظر الفرصة كي ينتقل إلى موقع ممانع أدنى. فالممانعة خلافاً لما يفضل مروجوها، ليست لحظة في دينامية مواجهة أو مقاومة تتحين الفرصة للانتقال إلى المبادرة. إنها لحظة في مسار تراجع لانهائي، يبقى الممانع خلاله منداراً عن العدو، غير ساع إلى إمساك زمام المبادرة. ولأن الممانعة مسار تراجع لا قرار له، فإن الممانع، بالتعريف، لا يستسلم. فاحتياطي التراجع لا ينضب”. بدوره كتب وسام سعادة عن الممانعة، نقلاً عن جوزف سماحة، ما يلي:
“الممانعة هي… السبيل الوحيد لرفض الهيمنة الأجنبية على شعوب هذه المنطقة إلى أن يأتي يوم سيمحو فيه الاحتفاء بالممانعة كل منطق نقد للهزيمة، بحيث تصير الممانعة مرادفاً ليس لزمن مقاومة الهزيمة مع الإقرار بمرارتها، وفي وجه المزهوين بالهزيمة كعرس، وإنما ستغدو أشبه بالظَّفَرية التي حذر منها ياسين الحافظ. فممانعة 2006-2007 ستقول لنا إن زمن الهزيمة قد بطل، وأن زمنها هو عينه زمن النصر العجائبي، النصر الذي يكشف عن فصوله تباعاً”.
هذه النصوص مجموعة في كتاب، الشيعية السياسية، الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون العام 2012، ص137-139.
مقالات ذات صلة
هل يكتب التاريخ الحديث بمصطلحات طائفية؟
جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية
نقول لحزب الله ما اعتدنا على قوله