8 آذار 2023
قرّرت أن أتوجّه إلى دولة الرئيس نبيه بري بهذا السؤال قبل اندلاع السجالات المؤسفة بينه وبين خصومه، لذلك فإن هذه الرسالة – المقالة لا تندرج في سياق المناكفات بل في سياق البحث عن حل. يعرف الرئيس بري أنها ليست المرة الأولى التي أكتب فيها من موقع الاختلاف معه ونقد مواقفه، لكن، كما في كل مرة، بلغة تحترم الرأي الآخر وآداب الحوار.
يعرف دولة الرئيس أيضاً، وأنا متأكد من ذلك، أنني منذ ما قبل اغتيال رفيق الحريري وبعد اغتياله وأنا أكتب متسلحاً بمعيار وحيد هو الموقف من الدولة، فلم يسلم من قلمي مؤرخ أو مفكر أو صحافي أو قوة سياسية ممن يعتمدون معايير أخرى طائفية أو سلطوية أو تحاصصية أو يستندون إلى قوة أخ
قرّرت أن أتوجّه إلى دولة الرئيس نبيه بري بهذا السؤال قبل اندلاع السجالات المؤسفة بينه وبين خصومه، لذلك فإن هذه الرسالة – المقالة لا تندرج في سياق المناكفات بل في سياق البحث عن حل. يعرف الرئيس بري أنها ليست المرة الأولى التي أكتب فيها من موقع الاختلاف معه ونقد مواقفه، لكن، كما في كل مرة، بلغة تحترم الرأي الآخر وآداب الحوار.
يعرف دولة الرئيس أيضاً، وأنا متأكد من ذلك، أنني منذ ما قبل اغتيال رفيق الحريري وبعد اغتياله وأنا أكتب متسلحاً بمعيار وحيد هو الموقف من الدولة، فلم يسلم من قلمي مؤرخ أو مفكر أو صحافي أو قوة سياسية ممن يعتمدون معايير أخرى طائفية أو سلطوية أو تحاصصية أو يستندون إلى قوة أخرى غير قوة الدستور.
وربما أبلغه المهتمون أنني واكبت الثورة منذ ولادتها بأكثر من مئتي مقالة، مبنية كلها على المعيار ذاته، أي الدولة، رأيت على أساسه أنّ المسؤول عن انتهاك الدستور وتخريب المؤسسات هو ما يسمونه المنظومة الحاكمة وأنا أسميه التحالف الميليشيوي. في إحداها توجهت إلى الثوار بقولي، لا تسدّدوا خارج المرمى المحدد بقائمتين من الشيعية السياسية وعارضة من «التيار الوطني الحر».
قد لا أكون مصيباً في تحميلي الثلاثي مسؤولية الأزمة، لكن الأكيد يا دولة الرئيس أنك وحدك مسؤول اليوم عن الحل لأنك تملك مفتاحه، من موقعك رئيساً للمؤسسة الدستورية الوحيدة المتبقية، في ظل فراغ رئاسي وحكومة مستقيلة. لكن لا الظرف السياسي ولا أحوال البلاد ولا الموازين الحالية ستمكنك من لعب الدور ذاته كما في المرتين السابقتين.
ربما كان التعطيل حجة مقنعة في ما مضى لكسب الوقت وتفادياً لخضات أمنية. أما التعطيل اليوم فلم يعد مقنعاً، فلا الجوع يحتمل التسويف والتأجيل ولا قهر المواطنين ولا انهيار العملة الوطنية ولا الموت على أبواب المستشفيات ولا حالات الانتحار، ولا الانتظار الموعود على باب جهنم ولا إدارة الظهر للإصلاح ولا صم الآذان عن آلام الناس وعن نصائح العقلاء وعن مطالب الثورة. التعطيل اليوم ينطوي على معنى واحد: تعطيل الحل.
ربما كانت المجالس النيابية السابقة مطواعة بما يكفي لتصديق المناورات. البرلمان هذه المرة كشف سر اللعبة فقرر الخروج على الطاعة. ربما كان الحضن العربي مستكيناً لعواطفه تجاه لبنان واللبنانيين، فاختار هذه المرة قسوة القلب وحجب عنا العون والنصح وحتى الاهتمام.
ربما لأنّ التعطيل الذي أدرت لعبته في المرة الماضية انتهى إلى غير ما كنت تريده، جاءت كارثة العهد العوني لتجعل من المستحيل تكرار انتخاب مرشح من فريق الممانعة، أو زجر اللبنانيين بشعار مشابه «إما فرنجية إما لا رئاسة». هذه المرة قرروا عدم الإذعان وواجهوا التهديد بالتهديد: إن كانت هذه إرادتهم، فليكن رئيساً على الشيعية السياسية وحدها، وإلا فرئيس خارج منطق التحدي. الرئيس ليس الحل بل هو مفتاحه ورمزه. رئيس وحكومة من الكفاءات الشابة، تعيد الاعتبار للدستور والمؤسسات والفصل بين السلطات وتضع خطة للتعافي وتحارب الفساد وتحاكم الفاسدين.
يوم بدأت تظهر إرهاصات الثورة قلت كلمتك الشهيرة: لولا الطائفية لسحبونا من بيوتنا. فهل نصدق الطائفية أم نبوءة الشاعر نصر الضاهر؟
«ربما غدًا أو بعدَ غدٍ، سَيمْلأُ الوجعُ والجوعُ والغضبُ كلَّ البيوتِ
يحملُ المستضعفون معاولَهم والفؤوسَ
يحطمون جدرانَ الوهمِ الذي جعلَ منهم قطعاناً وأسرى
وستمتلئُ الساحاتُ بالزنودِ العفيَّةِ، حاملةً بيارقَ وراياتٍ ليس فيها سوى عنوانٍ واحدٍ هو الحرية ويطلعُ فجرٌ جديدٌ، وتسطعُ فوق الدروبِ شمسُ الحياة».
مقالات ذات صلة
طوفان عيوب في حرب الإسناد
حزب الله كمقاومة وحزب الله كحركة تحرر وطني
هل الصمت الدولي مشروع ومبرر؟