https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=844480
بعد عام على حربي الطوفان والإسناد، وفيما يحتفل بعضهم بهزيمة العدو وآخرون بانتصار متخيل، يخرج مرشح المردة الوفيّ لأسياده في الممانعة، وكأن غزة لم تتعرض للإبادة ولا مات فيها أكثر من أربعين ألفاً، ولم يلاحق الموت اللبنانيين في مساكنهم وفي البيوت التي تهجروا إليها وعلى الطرقات، ولم تدمر قرى في الجنوب ولم تخسر المقاومة قيادييها ومجاهديها، ليذكرنا بأنه ما زال المرشح المفضّل للرئاسة.
يقول صاحب الفخامة المستحيلة “إذا انكسر أي فريق في لبنان فكلّ لبنان سيخسر والأهم أن يكون بلدنا منتصراً”. جملة قالها سواه من موقع الحرص على الوحدة الوطنية. لكن معناها، حين تصدر عن لسانه، تزلف واستجداء أصوات ممثلي الثنائي الشيعي في البرلمان. فاته أن البلد الذي ينكسر بانكسار فريق منه لا ينتصر بانتصار فريق منه.
ويقول، “لو لم يدخل الحزب في الحرب في 8 تشرين الاول لكانت الأمة العربية خوّنته”. كأنه لم يقرأ مواقف الدول العربية مجتمعة التي تضامنت مع القضية الفلسطينية ومع حل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية لا مع دولتين فلسطينيتين. ربما لم ينتبه فخامته إلى أن الشعب اللبناني هو الآخر لم يبخل بتضامنه إنسانياً مع شيعة حزب الله، رغم اختلافه معه سياسياً، لا على حرب الإسناد وحدها بل على كل نهج سياسي يفرط بسيادة الدولة.
وقال فخامته “المطلوب رئيس لا يتآمر على المقاومة”، فيما يطالب اللبنانيون برئيس توافقي غير منحاز لا يتآمر على أحد بل يعمل على تعزيز سيادة الدولة وحماية الوحدة الوطنية ولا يلعب دور النافخ في نار الحرب الأهلية. لم يكلف نفسه عناء السفر استجابة لنداء الواجب والدستور بل مستفسراً مغتبطاً كأنه يلهو بلعبة تعطيل المبادرة. لم أكن مخطئاً حين كتبت عنه ذات يوم مقالةعنوانها، “فرنجية هو هو لو حكم بلد”.
مع أنه ليس وحيداً في جوقة العازفين على وتر الممانعة، لكن “غلطته بألف” لأنه يحشر نفسه بين “الشاطرين”، ولا تعذر هفواته حين يكرر موقف العوام من أهل الجوقة، إعلاميين وخبراء استراتيجيين، ممن يحكون عن غياب الدولة ولا يسألون عمن سعى ويسعى إلى تغييبها والحلول محلها.
بدأ يضمر دور الدولة وينكمش حين بدأ يسود النهج الميليشيوي منذ اتفاق القاهرة الذي اقتطع من سيادتها ليمنح حصة للمقاومة الفلسطينية، واستمر خلال الحرب الأهلية بانقسام اللبنانيين بين “يسار إسلامي ويمين مسيحي” بحسب مصطلحات سادت وتعممت بديلاً من لغة الوحدة الوطنية، وكان هو من بين هؤلاء المزهوين بعلاقات مميزة مع الشقيقة، التي عملت على شق الصفوف وعلى تدمير الدولة، وأوكلت استكمال المهمة بعد رحيلها إلى الميليشيات.
يظهرون على الشاشات ولا يخجلون بتعصبهم المذهبي والسياسي لحزب الله وللثنائي الشيعي ولإيران وسوريا والممانعة على حساب انتمائهم الوطني. ولا يخجلون من هزال منطقهم في اتهامهم الدولة بالتقصير في تنظيم مواكب النازحين من الجنوب، ويرمون باللائمة على قوى الأمن والجيش لأن الطرقات لم تتسع لأعداد الهاربين من حرب المساندة وقبلها من حرب “لو كنت أعلم”.
يرمون الدولة بتهمة العجز عن حماية الوطن ويشيدون بقدرة “المقاومة” على حماية الجنوب وأهله من وحشية إسرائيل وعدوانيتها. لا يخجلون من تكرار التهمة باسم المهجرين من بيوتهم وقراهم المدمرة مرتين، مرة في حرب تموز 2006 ومرة في حرب التضامن مع غزة عام 2024. ثم يحمّلون الدولة المسؤولية عن الدم المهدور وعن إعادة بناء ما هدمته الحرب.
طوفان عيوب في حرب الإسناد كان أشدها دوياً موقف رئيس المجلس النيابي. بعد أن استبشر اللبنانيون خيراً بمبادرته الرئاسية وصاروا يعدون العدة للاحتفال بالرئيس، تفاجأوا حين رأوه يتراجع عنها في أعقاب زيارة الوزير الإيراني.
مقالات ذات صلة
نعم انتصرنا
هل يكتب التاريخ الحديث بمصطلحات طائفية؟
جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية