3 ديسمبر، 2024

نقول لحزب الله ما اعتدنا على قوله


الحوار المتمدن-العدد: 8151 – 2024 / 11 / 4 – 22:47


قلنا في مقالات موثقة “القدرة على الحشد لا تبني وطنا . فقد سبق إلى هذا الإنجاز قادة وأحزاب ، بشير الجميل والقوات اللبنانية، موسى الصدر وحركة المحرومين، كمال جنبلاط والحركة الوطنية اللبنانية. لكن تلك الحشود لم تكن كافية لتحقيق انتصار أو بناء الوطن، لأنها كانت تشكو من انحصارها في منطقة أو طائفة”.(نيسان 2005)
حزب الله مطالب، عشية الخروج السوري، استكمالاً لعملية التحرير المجيدة، بتحرير الوطن من فاسديه ومفسديه ومبددي ثروته ومدمري وحدته الوطنية. وهو مطالب بأن يجيش الشيعة في إعادة بناء الوطن والدولة، ولن يكون وجوده المسلح إلى جانب الدولة أو بموازاتها أو بديلا منها إلا انتهاكاً صريحاً لسيادتها، وبناء عليه فهو مطالب بأن يبتكر حلاً لهذه المسألة من داخل الوحدة الوطنية وليس ضدها. وهو مطالب بالتالي باتخاذ قرار جريء بالتخلي الطوعي عن الحصة التي اقتطعها لنفسه على حساب الدولة وبالانخراط في السلم الأهلي اللبناني وفي إعادة بناء الوطن والدولة. (حزيران 2005)
الطائفة، أية طائفة، لن تكسب شيئا إن هي كسبت نفسها وخسرت الوطن، فهي في هذه الحالة تجر نفسها إلى الانعزال ،ثم إلى تدمير نفسها. تجربة المارونية السياسية التي اقتتللت حتى الثمالة ليست بعيدة، ولا هو بعيد النزاع المدوي على هوية الشيعة وانتماء الجنوب إلى العروبة إو إلى الفارسية. الانتماء الوحيد والصحيح والمجدي هو الانتماء إلى الوطن، إلى وطن إسمه لبنان.(10-10-2005)
لا فضل لتكفيري على تكفيري آخر، حتى بالتقوى، لأن الكل سواسية في تخريب الدولة وتفتيت وحدة الشعب والوطن، بالتحريض المذهبي أو الطائفي أو المناطقي، وبالإصرار على البحث عن حلول للأزمات السياسية من الباب الأمني الذي يختار لغته ومصطلحاته من التهديد والوعيد وتكبير الكلام، ويختار فصحاءه البارعين في التحريض من الجهلة في علم السياسة والمسيئين لآداب الحوار. (25-8-2013).
آفاق الربيع العربي انفتحت على نهاية غير بعيدة للأصوليات، كل الأصوليات في العالم العربي، المتمثلة بالأنظمة القومية واليسارية والدينية وبكل أنواع الحكم الوراثي، وستقصر المهلة كلما تعمم اليقين باستحالة إرغام التاريخ على التوقف أو على العودة إلى الوراء. وإن كان من الممكن تحديد بداية النهاية، فلأن الظاهرة بلغت ذروتها بإعلان الخلافة والتبشير بالعودة إلى التوحش.(10-10-2014)
حين يتعلق الأمر بالصراع مع اسرائيل يغدو التضامن مع المقاومة شكلا من أشكال الانتماء إليها. لقد أسس أبطالها في لبنان مدرسة في شجاعة المواجهة ونموذجاً يحتذى، حتى لو لم يعد يوجد اليوم من يحتاج إلى هذه التجربة الرائدة التي صارت، بغير رغبة حزب الله، درساً من دروس التاريخ. غير أن حزب الله يوظف المقاومة لا دفاعاً عن لبنان بل دفاعاً عن نفسه، وأنها ليست لحماية الوطن بل لحماية مشروع الحزب، ويرسخ الاعتقاد الواهم بأن الانتصار على اسرائيل هو انتصار للشيعة على سواهم أو لمعسكر الممانعة على خصومه. (29-1-2015).
إن حزب الله يتوجه إلى جمهوره بخطاب وإلى خصومه بخطاب مناقض. هو يكرر حرصه على الدولة ومؤسساتها وعلى التعايش اللبناني بتنويعاته الطائفية والمذهبية، وحرصه على احترام الدستور والقوانين ومبدأ الأكثرية والأقلية في اللعبة البرلمانية، وحرصه على السلم الأهلي وعلى الحوار مع خصومه بطاولة وبغير طاولة وعلى الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. لكنه، من ناحية أخرى، يحفر خندقاً عميقاً بينه وبين من يفترض أن يبني معهم عمارة الوفاق والوحدة الوطنية، وذلك بموقفه السلبي من الدولة ومؤسساتها ودستورها وقوانينها وسيادتها.(9-12-2013).
يقول صادق جلال العظم في كتاب “النقد الذاتي بعد الهزيمة”، أن “التقدم العلمي لا يعني امتلاك الآلة والتقنيات فحسب، بل بناء وعي جديد لعلاقة العلم بالحياة”. هذا يفسر أن آلاف الصواريخ لا تكفي لإحراز النصر، حتى لو كانت صناعة محلية كالظافر والناصر والقاهر أو إيرانية بالستية أو عابرة للقارات، إذا لم يقف مشغلوها على أرض صلبة من الوحدة الوطنية، وإذا لم تكن ظهورهم محمية بقوة الدولة وسيادة القانون.
في كل الحروب الممتدة بين النكبتين يعلو صراخنا ضد إجرام إسرائيل وانتهاكها الأعراض وحرمة المساجد والمستشفيات وقتل الأطفال والنساء والعجز، كأننا لا نخوض الحروب إلا لنثبت أنها دولة العنصرية والفاشية والإجرام، فيما قدمت لنا المعارك أدلة على أننا، بحسب قول محمد حسنين هيكل، “أمام عدو يوظف العلم لتحقيق الانتصار”، فيما نحن نتمسك بعدّة من الأوهام والخرافات والأساطير ومن رباط الخيل.
قلنا في ندوة في كفررمان، بحضور النائب عن حزب الله، الحاج محمد رعد، إن المقاومة لا تسأل عن التحرير، فهذا بديهي، بل عما بعد التحرير. فإن لم يكن بناء الدولة الديمقراطية في أساس مشروعها فهي إلى زوال وإن طال الزمن. وقلنا، غداة التحرير مباشرة، وبحضور النائب حسن فضل الله، في جلسة حوارية في منزل الصديق فرحان صالح في ضاحية بيروت الجنوبية، إن على حزب الله أن يتجنب الخطأ الذي ارتكبته الميليشيات، يميناً ويساراً، منذ اتفاقية القاهرة وحتى الاجتياح الاسرائيلي، عندما تواجهت بشراسة على كل الجبهات، وتضامنت في جبهة واحدة على تهديم الوحدة الوطنية وتخريب الدولة.
بعد اغتيال رفيق الحريري، قلنا إن “على الشخصيات التي نبتت من دون جذور، و لم يكن لها لتظهر على ساحة العمل العام لولا ارتباطها بأجهزة المخابرات السورية أن تقرر الانسحاب من العمل العام والانكفاء إلى أعمالها الخاصة”. اليوم، بعد أن ينجلي غبار المعركة، على الشخصيات التي نبتت على ضفاف حزب الله وشكلت عنصراً مساعداً له في المجال الإعلامي على نحو خاص، أن تتنحى، لتساعده هذه المرة على العودة إلى حضن الوطن.
تمنينا على حزب الله ورجوناه أن يقدم انتصار التحرير للشعب اللبناني الذي محضه الدعم والتضامن والإعجاب. لم يصغ لأصوات محبة ولا استجاب لرجاء، فهل يستجيب هذه المرة؟