3 ديسمبر، 2024

جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية


الحوار المتمدن-العدد: 8158 – 2024 / 11 / 11 – 18:28

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=847870


يقول البيان أنه “بتاريخ 7-11-2024، بدعوة من مؤسسة جامعة الأمة ‏العربية، وهي منظمة غير حكومية، وبمشاركة قضاة وخبراء قانون سوريين وعرب أقيمت في فندق الشام ‏بدمشق، ورشة العمل ومحكمة العدل الشعبية، بهدف تفعيل الدور الشعبي العربي في النضال القانوني ‏والقضائي ضد الجرائم الصهيونية”.‏
من الشام انطلقت الثورة الكبرى. ارتضى الشريف حسين بمملكتين في الأردن والعراق. همه العرش لا الدولة. ومن الشام البيان رقم واحد للتأسيس لانقلابات الجيوش على السلطات السياسية. وكرت السبحة “من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر”. وبين أول نسخة في العراق عام 1936 وآخرها في السودان حيث انقلب الجيش على الجيش، عينات استطاب صانعوها انتهاك الدساتير وكم الأفواه ونشر الرعب وحفر القبور.
ليس صدفة أن تعنى هذه المنظمة غير الحكومية بكل الشؤون (القانوني والاجتماعي ‏الثقافي والتنموي والتراثي والشبابي وبالشأن الفلسطيني وشؤون الأمة) إلا الشأن السياسي، لا دور للشعب فيه، فهو من اختصاص أهل الحل والربط في بلاط السلطان.
وليس صدفة أن يكون معظم “القضاة وخبراء القانون”، من سوريا بالذات، على ما يقول البيان، لا من مصر ولا من لبنان. في الشام اختزلت أجهزة الاستخبارات كل المؤسسات بما في ذلك الدينية منها والقضائية ولم يبق من الدولة إلا حكم الأسد إلى الأبد.
في الشام تأسست الجمهورية الوراثية الأولى في العالم العربي، وأولى المنظمات التي نافست منظمة التحرير الفلسطينية على قيادة نضال الشعب الفلسطيني، والتي صارت قدوة لعواصم أخرى حاولت مصادرة القرار الوطني. إذ لم يكن عبثاً أن تفضل منظمة التحرير الخروج إلى البحر نحو تونس على الدخول إلى ما سماه كمال جنبلاط السجن العربي الكبير.
جامعة الأمة العربية بدل جامعة الدول العربية. الاستبدال سهل، لكن اللغة حمالة أوجه. أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. إذا كانت “الرسالة” هي الاستبداد فسينبري من ينافس. الإسلام السياسي يكمن عند أول منعطف ليخطف الراية، تماماً مثلما فعل بعدما انهار اليسار القومي وأخفقت حركة التحرر الوطني. يومذاك صار الاستبداد الديني أولى بمصادرة القضية الفلسطينية وأبرع بالمقامرة بها من غزة أو بالمتاجرة بها من طهران.
محكمة “شعبية” أيضاً بدل الدولية، لكن القضاة وخبراء القانون في فندق الشام فاتهم أن ميزان العدل ضد الجرائم الصهيونية لا يكون عادلاً إن لم يحاكم من رمى البراميل على القرى في سوريا ليجعلها حطاماً، وليرمي بالتشرد في أربع أرجاء الكون شعباً لم يطالب بغير الحرية والقانون والدستور.
ما من مرة في التاريخ شكل الانشقاق حلاً لمشكلة. في الأديان كما في السياسة. كاتوليك وبروتستانت وأرثوذكس، شيعة وسنة واسماعيلية وعلوية ومرجئة ومعتزلة وأشعرية، لينينية وتروتسكية وماوية، بعث عراقي وسوري. الحل بالانشقاق يعالج مشكلات سلطوية. يحدد من يستأثر بالقرار.
في سوريا كما في لبنان وكل بلدان الربيع العربي، كما في العراق والجزائر والسودان، أول بند في برنامج الحل سن الدستور. لا حل خارج الالتزام بأحكام القوانين. لا حل إلا بالدولة. أما الأمراض والعلات والأزمات فعلاجها بالديمقراطية والاعتراف بالآخر.
من العنوان يتأكد المرء أن الابتكارات الممانعاتية مصدرها عقل مخابراتي.
في لبنان لا حل إلا بالدولة. في فلسطين لا حل في الأفق المنظور غير حل الدولتين. ولا دولة غير دولة القانون والمؤسسات. أما الانشقاق فلن يفضي إلى غير ما أفضى إليه طوفان الأقصى أو حرب الإسناد. دمار أو حروب أهلية.