22 نوفمبر، 2024

في نقد 13 نيسان (7)التنظيمات القومية

10 أيار 2023

https://www.nidaalwatan.com/article/169106

ضمّت المجالس السياسية للحركة الوطنية اللبنانية، إضافة إلى الشيوعيين والاشتراكيين، بضعة تنظيمات قومية منتشرة في مدن الساحل، يجمعها حنين إلى التراث الناصري أو عطاءات مالية من نظام معمر القذافي. الأكثر استقلالية بينها كان التنظيم الشعبي الناصري في صيدا.

بين تلك التنظيمات، كان الحزب السوري القومي الاجتماعي يحمل هويتين واحدة أجازت لرئيسه إنعام رعد أن يشغل موقع نائب رئيس المجلس السياسي المركزي، وأخرى ممهورة من نظام حافظ الأسد. أمّا حزب البعث الذي شهد انتشاراً واسعاً خلال الخمسينات والستينات فقد حولت أجهزة المخابرات في دمشق وبغداد مناضليه اللبنانيين إلى صدى إعلامي وأدوات تنفيذية لها.

نقد مواقف التنظيمات القومية المحلية يستند إلى مشاركتها النظرية والعملية في الحرب الأهلية وإلى نقد تجاربها المُرّة في العالم العربي التي تولى الكتابة عنها فلاسفة ودعاة ومتحمسون، من بينهم عبد الإله بلقزيز، في كتابيه، نقد الخطاب القومي، والدولة والمجتمع.

قبل أن تشارك هذه التنظيمات في الصراع السياسي والمسلح في لبنان كانت الفكرة القومية، بحسب قول بلقزيز، قد تحولت إلى «إيديولوجيا متكلسة وتشظت كياناتها التنظيمية لتسبح حلقاتها الميكروسكوبية في فلك الأنظمة وتعيش على أمجاد الماضي». هذا يفضي إلى اتهام تلك التنظيمات عن حق بالتبعية للخارج وبالقتال تحت راية مشاريع الأنظمة العربية التي تزودها بالمال وبالسلاح.

التبعية للخارج، وما من طرف لبناني قادر على التبرؤ منها، نقلت إلى الساحة اللبنانية صراعات الأنظمة حول القضايا القومية عموماً والقضية الفلسطينية خصوصاً، لتضيف إلى الحرب الأم اشتباكات أهلية صغيرة، كانوا يسمونها حروب الأخوة داخل الخندق الواحد.

الحرب الأهلية هي تعبير عن توافق ضمني بين أطرافها على عدم اعترافهم، ولو بأشكال متفاوتة، بوحدة الوطن والدولة، وهي تنافس على توزيع سيادة الدولة إلى سيادات على زعماء الطوائف والأحياء والزواريب. فكم من صراع نشب بسبب خلاف واختلاف على استخدام المصطلحات، الأمة العربية أم الإسلامية، الحركة الطلابية أم الطالبية، الوطن العربي أم الأوطان، الشعب العربي أم الشعوب، الشعب اللبناني أم المسيحي؛ أو بسبب خلاف واختلاف بين حافظ الأسد وصدام حسين، أو بين طرفين في المقاومة الفلسطينية ينتصر كل منهما لأحد الأنظمة.

إذا كانت هذه التنظيمات فروعاً فمن السهل تعقب موقفها من الدولة في بلد المنشأ. أولويات الحركة القومية، من بداياتها في الثورة العربية الكبرى حتى آخر الانقلابات العسكرية اللاحقة، هي السلطة لا الدولة. فهي كانت تقيم الاحتفالات والأعياد غداة كل هزيمة لأن معيار النصر عندها صمود السلطة ولو تحت الركام. لذلك لم يكن يعني الفروع من الحرب إلا المحافظة على مناطق نفوذها وممارسة سلطتها على الحي بما يوفر لها الإثبات الكافي لنيل حصتها من التمويل والتسليح.

موقفها من الديمقراطية مشتق من موقفها من الوطن ومن الدولة. إذا كانت الديمقراطية في أحزاب المنشأ مؤجلة بدعوى النضال ضد الصهيونية، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فمن الطبيعي أن تلجأ الفروع إلى اختيار شبيحة وبلطجية تنصبهم زعماء وأمراء على الأحياء والزواريب، وهذه حال كل قوى الميليشيوية التي هي بالتعريف عدو القانون وعدو الانتظام تحت سقف الدولة.

المشاركة في الحرب إن لم تكن دفاعاً عن الوطن فهي حرب على الدولة. لذلك لم يبق من الميليشيات على قيد الحياة بعد الطائف إلا من تلطى وراء الطائفة أو في حمى نظام الوصاية.