22 نوفمبر، 2024

في نقد 13 نيسان (8)التجمع الإسلامي

13 أيار 2023

https://www.nidaalwatan.com/article/170082

13 نيسان هو يوم إعلان زعماء السنّة عجزهم أو امتناعهم عن مواجهة مشروع المارونية السياسية بمشروع للسنية السياسية. فقد تمكنت أحزاب الحركة الوطنية اللبنانية من انتزاع قيادة المواجهة، وقيل يومذاك إن صحافيين شيوعيين كتبوا البيان الشهير الذي تلاه رئيس الحكومة رشيد الصلح في المجلس النيابي.

حتى ذلك التاريخ كان زعماء الطائفة السنية يكتفون من الشراكة في الحكم بدورهم كممثلين للعروبة، لكن الخلط الدائم بين العروبة والإسلام انعكس التباسات على موقفهم من العلمانية ومن القضايا القومية وجعلهم يتوزعون بين مرجعيتين مصرية وسعودية.

رفع كمال جنبلاط مع حركته الوطنية وتيرة المواجهة مع المارونية السياسية فدعم المقاومة الفلسطينية المسلحة بديلاً من الاعتكاف الحكومي، ما أوقع التجمع الإسلامي، المتمثّل بالقادة السياسيين من أهل الطائفة، في مزيد من الارتباك، ودفعه إلى طلب النجدة من أنظمة ترفع شعار العروبة والعلمانية لكنها تعتمد دين الدولة الإسلام، ملتقياً مع المارونية السياسية على استدراج التدخل السوري في لبنان عام 1976

من أسباب الارتباك والإحراج موقف النظام السوري الذي دخل تحت راية الدفاع عن الدولة وعن المسيحيين وعن القضية الفلسطينية، وإذا به ينقلب إلى النقيض، فيخوض حرباً ضدّ المسيحيين وضدّ المقاومة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين، وفي مرحلة لاحقة ضدّ السياديين من أهل السنة.

من الأسباب أيضاً التردد بين الحاجة إلى المقاومة الفلسطينية للاحتماء بها والخوف من فقدان الدور إذا ما انتصر برنامج الحركة الوطنية اللبنانية المرحلي للإصلاح السياسي، وكذلك التردد في تحديد إطار الخصومات والصداقات. فلا التحالف مع «الجبهة اللبنانية» مقبول عملياً ولا مع «الحركة الوطنية» ممكن واقعياً. لذلك اكتفى الإسلام السني التقليدي بدعم الحكم بوجود حكومات سليم الحص وبمهادنته في أوقات أخرى.

يُسجّل للزعماء السنة أنهم كانوا يدافعون عن الدولة ومؤسساتها من غير أن يتبنوا مشروعاً سياسياً موازياً أو منافساً شبيهاً بما للمارونية السياسية أو للشيعية السياسية. مأزق هذا الموقف يتمثل في أن حصتهم في الدولة لا تساوي ولا توازي حرصهم عليها. من هنا يمكن القول بأن الحركة الوطنية هي التي تولت طرح مشروع للسنية السياسية عندما طالبت بنقل بعض الصلاحيات «من رئيس للجمهورية يحكم ولا يحاسب إلى رئيس للحكومة يحاسب ولا يحكم»، بحسب ما نصت عليه فذلكة البرنامج المرحلي.

تعامل غلاة المارونية السياسية مع نتائج الحرب الأهلية وكأن الرابح الوحيد فيها هو الطائفة السنية والخاسر الوحيد هم المسيحيون، مع أنه لا رابح فيها سوى نظام الوصاية الذي أعاد تنظيم الصراعات اللبنانية على أسس مذهبية وطائفية، مفرغاً إصلاحات الطائف من مضمونها، بمنعه تطبيق بنود الاتفاق ولا سيما المتعلقة بقانون الانتخاب والفصل بين السلطات وإعادة السيادة إلى الدولة اللبنانية.

في مرحلة تأسيس الوطن بدت العروبة مطلباً سنياً شيعياً في مواجهة العنصرية المارونية، لكن النظام السوري، بعد الطائف، لم يقدم للبنانيين عموماً ولأهل السنة خصوصاً صورة محببة عن العروبة، ما عزز المشاعر الوطنية اللبنانية على حساب الأوهام القومية التي نشأت أيام السلطنة وغذتها أيام وأحداث «مجيدة»، منها اغتيال الحريري وغزوة 7 أيار، أبطالها رموز الاستبداد القومي والديني في العالم العربي وعملاؤهم من سفهاء الطوائف.