11-2-2013
لا اغتيال شكري بلعيد ولا جرائم النصرة في سوريا ولا ضحايا مراسيم الاستبداد التي وقعها الرئيس المصري تمحو عن التحولات الكبرى التي أطلقها بوعزيزي التونسي صفة الثورة .
كتب أحدهم على صفحة التواصل العبارات التالية:
إرهاب في سوريا ، حرب شوارع في ليبيا ، اقتتال في لبنان ، عصابات في اليمن ، تمزق في السودان ، صراع سلفي في تونس ومصر ، وسلام في تل أبيب … وختمها بعبارة تعجبية : إنه الربيع العربي!!! ثم بتعليق يقول فيه : هل هو ربيع عربي أم ربيع صهيوني؟
نعم ، هي صور قاتمة على امتداد الأمة العربية ، غير أن الصورة الزاهية التي لا تخفى على أحد تتمثل في كون الأحداث من المحيط إلى الخليج هي الثورة الأولى التي تخوضها شعوبنا منذ خمسة عشر قرنا . كل ما حصل بين ثورة النبي محمد وحادثة بوعزيزي هو سلسلة من الانقلابات والانتفاضات : من مقتل الخلفاء الراشدين ، إلى الانقلاب الأموي ثم العباسي ، إلى ثورة الزنج وثورة القرامطة ، إلى دويلات بني بويه والسلاجقة والفاطميين ، وانهيار الخلافة ثم السلطنة ، وقيام الأوطان الحديثة والانقلابات المعاصرة في سوريا ومصر والسودان والعراق وليبيا ، الخ ، الخ .
النبي محمد أطلق الثورة الإسلامية على دولة البداوة ، الدولة القبيلة ، فتأسست ، على الصعيد السياسي ، دولة الوراثة التي شكلت خطوة متقدمة على ما كان قبلها ، واستمرت حتى بوعزيزي .
مأزق الإسلاميين ، ومعهم سائر الأصوليات الماركسية والقومية، يتمثل في كونهم لم يدركوا أن الشرارة التي أطلقت في تونس وعمت أجزاء واسعة من العالم العربي هي ، بالدرجة الأولى ، ثورة على الاستبداد الذي كانت تمارسه الأنظمة والمعارضات اليسارية والاسلامية على حد سواء . ولذلك كان لا بد أن تواجه الثورة مأزقها حالما وصلت إلى السلطة قوى من حضارة الاستبداد ، ولا فرق إن كانت تلك الحضارة ذات أصول شرقية أو تقدمية .
مأزق اليساريين أشد وأدهى، لأنهم اكتفوا بتفوقهم على الاسلاميين في تخيلهم مستقبل البلاد والعباد، غير أن قراءتهم الماضي لم تكن تقل أصولية ، وإن بمصطلحات ومناهج مختلفة ، لأنها كانت قراءة غير نقدية. بل هي قراءة انقلابية حاولت أن تستبدل دينا بدين ، وأنظمة وراثية استبدادية بأنظمة مماثلة .
مقالات ذات صلة
حراك “أبو رخوصة” وحيتان المال
ثقافة الميليشيا
المال الحرام